حائط المبكى (حائط البراق) - الموسوعة المختصرة

الدقة والأمانة في الطرح

حائط المبكى (حائط البراق)

حائط المبكى (حائط البراق)

شارك المقالة
أديان_وثقافات#
يسمى حائط المبكى הכותל המערבי  باسم "الحائط الغربي Western Wall" أيضا، ويعتقد اليهود أنه جزء من السور الخارجي الذي بناه هيرود حول الهيكل الثاني بعد خراب الهيكل الأول، وهو يعتبر أقدس الأماكن اليهودية على الإطلاق حيث يحج إليه اليهود من جميع أنحاء العالم، وقد سمي حائط المبكى لأن الصلوات عنده تأخذ شكل عويل ونواح، ويعتقد اليهود أن الحضرة الإلهية (الشخيناه) لا تغادر الحائط أبدا، لذلك حاول اليهود السيطرة عليه منذ زمن مبكر، ففي عام 1850 حاول الحاخام (كاليشر) شراءه، ثم كرر (روتشيلد) هذه المحاولة، وقبل الحرب العالمية الأولى سعى البنك (الأنجلو-فلسطيني) إلى شرائه، وبعد فشل كل المحاولات اليهودية لشرائه لجأ المستوطنون اليهود إلى العنف، فسبب ذلك اشتباكات بينهم وبين العرب أكثر من مرة بسبب هذا الموضوع، أشهرها اشتباكات عام 1928م ثم أحداث 1929م، مما أجبر السلطات البريطانية آنذاك على تشكيل لجنة تحقيق استمعت لشهادات العرب واليهود والموظفين البريطانيين، وقررت اللجنة أن المسلمين هم المالكون الوحيدين للحائط وللمناطق المجاورة، وأن اليهود يمكنهم الوصول إليه للأغراض الدينية فحسب، شريطة ألا ينفخوا في البوق (الشوفار). ولكن اليهود استمروا في النفخ، وقاموا بتنظيم مظاهرات استفزازية استمرت حتى العام 1948م.

وبعد حرب عام 1967م، ووقوع القسم الشرقي من مدينة القدس تحت السيطرة الإسرائيلية، خبا الصراع على الحائط بين المسلمين واليهود، ليشتعل بين اليهود أنفسهم، ذلك أن العلمانيين رأوا فيه رمزا قوميا تجب زيارته على كل ذكر وأنثى وصغير وكبير، فأصبحت ساحة المبكى محطاًّ لجموع اليهود العلمانيين الذين لم يأتوا للعبادة فقط، وإنما للرقص واللهو وقضاء الوقت مع عائلاتهم. وقد أيدت الحكومة هذه النظرة العلمانية للحائط فاتخذته هي الأخرى مكانا لعقد الاحتفالات واللقاءات الجماهيرية، وجلسات المؤتمرات والمهرجانات الختامية والألعاب النارية وحفلات تخريج دورات الجيش وترقيتهم، مما أثار حفيظة المتدينين الذين نظروا إلى الحائط كمكان للعبادة فقط، واعتبروا أن أي نشاط غير الصلاة من شأنه أن يدنس قدسية هذا المكان، وأن يؤذي صلاة المتعبدين فيه. وكانت آخر التحرشات من الطرفين في تموز 1989 حيث تمت إقامة الحفل الختامي لألعاب (المكابيا) الرياضية اليهودية بحضور رئيس الوزراء إسحق شامير حيث تساءل المتدينون: ما هي العلاقة بين الحائط والرياضة؟ ولماذا لا تنظم الحكومة مثل هذا الاحتفال في أحد الملاعب الرياضية التي لا يثير الذهاب إليها أية مشكلة؟ وقد حاول بعضهم تعطيل الاحتفال قبل افتتاحه، فلما لم يستطيعوا قاموا بإلقاء قنبلة غازية على المحتفلين أثارت البلبلة بينهم.

ومن المسائل الساخنة التي تثير الخلاف بين المتدينين والعلمانيين، هي مسألة صلاة النساء في باحة حائط المبكى، فقد احتدم النقاش والخلاف حول هذه المسألة منذ وقت مبكر، حيث ترفض الأوساط الدينية الأرثوذوكسية -وعلى رأسها الحاخامية الرئيسية التي تشرف على إدارة حائط المبكى منذ عام 1967م- السماح للنساء بالصلاة هناك، لاعتقادها أن صلاة النساء الجماعية هناك محرمة، وأنه لا يجوز للمرأة أن تلمس التوراة أو أن تقرأ منها، أو أن تضع رداء الصلاة (طاليت) على كتفها، وزعمها أن تواجد النساء هناك يفسد صلاة الرجال وعبادتهم، بسبب اختلاط النساء المحرم بهم، وارتفاع أصواتهن، خاصة وأن الكثيرات منهن لا يأتين للصلاة، وإنما للتنزه، وقد خرجت إحدى الصحف الدينية عام 1959م تقول: "إنها لمهزلة كبرى أن يذهب الرجل وعشيقته مخمورين وأن يقفا جنبا إلى جنب وقد وضع كل منهما يده على حائط المبكى ليستغفر الرب... لا هذا دين ولا هذا رب... وأفضل أن يقام حائط آخر في مكان آخر: في فندق أو بار".

وقام المتدينون بتنظيم عدة مظاهرات لمنع النساء من دخول باحة المبكى، كما قام بعضهم بالاعتداء على النساء أكثر من مرة، ولتخفيف حدة المواجهة تم تخصيص جزء صغير أمام الحائط لتصلي فيه النساء، ووضع حاجز فاصل بينه وبين قسم الرجال.

إلا أن هذا الحل لم يُرضِ المتدينين، لأنه لم يمنع النساء من لبس رداء الصلاة (طاليت)، أو من القراءة في التوراة، وهما الأمران اللذان يعتبران محرمين على المرأة حسب المعتقدات الأرثوذوكسية، فاستمر الخلاف قائما، واستمرت مجموعات النساء في محاولتهن الصلاة في ساحة الحائط، برغم ما تعرضن له من عنف وهجمات، وقد تشكلت في السنوات الأخيرة مجموعة نسائية تدافع عن حق المرأة في الصلاة عند الحائط، وأطلقت هذه المجموعة على نفسها اسم (نساء الحائط)، وهي بزعامة سيدة تدعى (بونا هيرمان). 

وقد اعتمدت هذه الحركة النسوية على كتابات العديد من الحاخامات داخل إسرائيل وخارجها المؤيدة لمطالب النساء بالصلاة عند الحائط مثل كتابات (شلومو غورين) الحاخام الاشكنازي الأكبر السابق لإسرائيل، وكتابات (موشيه فنستين) أحد أكبر الشخصيات الأرثوذوكسية في الولايات المتحدة الأمريكية، ورئيس منظمة مزراحي الصهيونية هناك. وقد أفتى هذا الحاخام بحق النساء في الصلاة عند حائط المبكى، والنظر إلى التوراة، ومسها حتى لو كن حائضات، كما تم الاستشهاد بالعديد من الرابيين الأورثوذكس في أمريكا الشمالية الذين سمحوا لمجموعة نسائية مشابهة بالصلاة في كنسهم.

وقد ازدادت الاحتكاكات بين هذه الحركة النسوية التي درجت على الصلاة عند الحائط كل شهر، وغلاة المتدينين خلال العامين 88 و 1989م، مما دفع الحاخامين الأكبرين لإسرائيل على إصدار فتوى تحرم على النساء قراءة التوراة عند حائط المبكى، وبرر الحاخام الأكبر (ابراهام شبيرا) هذه الفتوى بأن (الصلاة في باحة المبكى هي مسألة حساسة، ولذلك يستحسن عدم تغيير الوضع القائم لأن ذلك سيؤدي إلى نشوب نزاع، إلا أن "نساء الحائط" اعترضن على هذه الفتوى، ورفعن دعوى قضائية ضد الحاخامية أمام محكمة العدل العليا التي أقرت في حكمها الصادر بتاريخ 22 آب 1989م بمبدأ حق النساء في الصلاة عند حائط المبكى، بيد أنها حظرت عليهن الصلاة بصوت عال (لأن الشريعة اليهودية تحظر على النساء أداء الصلاة أو التراتيل الدينية بصوت عال في وجود الرجال).

الطاليت:

كلمة عبرية تعني شال الصلاة، وهو شال يرتديه اليهود أثناء صلاة الصباح وفي صلاة الظهيرة في التاسع من آب وفي كل الصلوات في عيد يوم الغفران، خاصة صلاة كل النذور، ويكون هذا الشال عادة من الحرير الأبيض أو الصوف وفي كل زاوية من زواياه حلية تسمى الصيصيت مؤلفة من ثمانية أهداب من الخيط: أربعة بيضاء، وأربعة زرقاء.
وهذه الألون هي أيضا ألوان راية إسرائيل وقديما كان طاليت الكهنة يوشى بخيوط الذهب، أما في العصر الحديث فأثرياء اليهود وحدهم يرتدون مثل هذا النوع من الطاليت، والطاليت يرتديه الرجال عند الرجال صباحا، وأحيانا في صلوت المساء، وهو يوضع على الرأس والأكتاف بطريقة معينة مع قراءة بعض الصلوات، ويرتدي العريس الطاليت في حفل زفافه كما يكفن به أيضا عند مماته بعد نزع الأهداب منه، والملاحظ أن عادة ارتداء الطاليت تختلف من مجتمع إلى آخر، ويوجد نوع أصفر من الطاليت يسمى طاليت قطان، والطاليت الصغير، يرتديه اليهود الأرثوذكس بصفة دائمة تحت ملابسهم.


المصادر والمراجع:

الأعياد والمناسبات والطقوس لدى اليهود (غازي كامل السعدي) [بتصرف].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الصفحات