أهمية نسب الأنبياء وأتباعهم في الدعوة إلى الله تعالى - الموسوعة المختصرة

الدقة والأمانة في الطرح

أهمية نسب الأنبياء وأتباعهم في الدعوة إلى الله تعالى

أهمية نسب الأنبياء وأتباعهم في الدعوة إلى الله تعالى

شارك المقالة

محتوى المقال

  1. أهمية نسب الأنبياء وأتباعهم في الدعوة إلى الله تعالى
  2. المصادر والمراجع

1. أهمية نسب الأنبياء وأتباعهم في الدعوة إلى الله تعالى

شجرة العائلة


- التقى أبو سفيان بن حرب بهرقل بعد أن ظهر أمر نبوة النبي  وشاعت دعوته، وسمع الرومان برسالته، فسأله عن النبي  أسئلة كان من بينها السؤال عن نسب النبي ، فقال أبو سفيان، وهو خصم شديد اللدد قوي الخصومة عندما سئل في ذلك، فقال غير كاذب: "إنه من أوسط قريش" أي أعلاهم، لأن الأوسط هو الأعلى والأشرف. فقال هرقل: هكذا يبعث الأنبياء من أشرف الناس نسبا.

وأخبار القرآن عن الأنبياء السابقين تثبت أنهم كانوا من أعلى الناس في قبائلهم من حيث مكانة أسرهم، ولنضرب لذلك مثلا بشعيب عليه الصلاة والسلام، فقد كان من رهط شريف، وكان نسيبا فيهم، ولقد قال الله تعالى في مجادته لقومه: {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا ۖ إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.

وإن هذا النص الكريم يدل على أن شعيبا عليه السلام كان من كان من قبيل فيهم شرف، وفيهم عزة ومنعة، وبذلك كان من أوسط العشائر وأعلاها في مدين.

ومحمد  كان من أسرة فيها سمو وعلو في قومه، وقد روى ابن عباس أن النبي  قال: " لم يزل الله عز وجل ينقلني من الأصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة صفيا مهذبا، لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما".


وفي الصحيح من حديث وائلة بن الأسقع أن رسول الله  قال: " إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل بني كنانة، واصطفى من بني كنانة قريشا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".

وبذلك يتقرر أن محمدا عليه الصلاة والسلام كان رفيع النسب، وليس المراد بشرف النسب أن تكون عشيرته ذات مال كثير، وأن يكون قد نال منهم تَرِكة مُثْرية كبيرة، فإن المال لا يكون نسبا، وقد كان عمه أبو طالب كبير البطحاء وشريفها، وكان مع ذلك في المال قلا، والنبي  مع علو نسبه بين العرب كان فقيرا، وكان يتيما، وكان يرعى الغنم، فليس علو النسب والشرف ملازما لكثرة المال، أو قوة البطش، أو عظمة السلطان، إنما شرف النسب أن يكون من كورة يعلو آحادها عن النقائص، ويخشون العار من أن يقعوا في رذيلة يستنكرها العرف، ويستهجنها ذوو العقول السليمة، وأن يكون لهم شرف نفسي، ولم يجعل النبي عليه الصلاة والسلام شرفه بين العرب بالمال، أو السطوة، بل جعل شرفه بأنه من خيرهم نفسا وبيتا، وقد قال عليه الصلاة والسلام :"جعلني في خيرهم بيتا وخيرهم نفسا".


وانظر إلى أبي سفيان الذي كان من أعلى قريش عندما سأله هرقل أجاب بالصدق والأمانة، وإن كان صدقه حجة عليه، ومعطيا للنبي  قوة، واستعلاء بدعوته ورسالته، يقول أبو سفيان وهو على الشرك: "لولا أني خشيت أن تحفظ عني كذبة في العرب لكذبت".

* ولماذا كان الأنبياء لا يكونون إلا من كورة عرفت بشرف النفس وعلو المَحْتِد، وإن تولدت الرفعة من غير كبرياء، واحترام النفس من غير استعلاء. ذلك لأن الرسالة تحتاج إلى دعوة قوية لا يُرَنِّقُها كُدرة التعييب، أو عدم الثقة، أو نقص في شرف النفس، أو رميه برذيلة ابتداء، وإن كان هو في ذاته كاملا.


إن النبي الذي ليس فيه رفعة، ولم يعرف بأنه من عشيرة ذات تقاليد فاضلة، كان أول ما يبادَر به هو الرد، لعدم شرف أسرته، وإنما نجد النبيين كانوا يُعَيَّرون بأن أتباعهم من أراذل القوم، لا من أشرافهم، ولا من ذوي النسب، ويتخذون من ذلك ذريعة لرد الدعوة، وإن كانوا في ذلك ظالمين، وإن رَدَّ قوم نوح أبي الإنسانية لَيبين هذا، فقد قال تعالى عنه وعن قومه الذين ردوه: {فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ * قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ * وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ ۚ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ إِنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَٰكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ * وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَن يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنفُسِهِمْ ۖ إِنِّي إِذًا لَّمِنَ الظَّالِمِينَ}.


إن اعتراضهم على أن الذين اتبعوا نوحا عليه السلام هو أراذلهم اعتراض ظالم، ولكن الله تعالى أرحم بعباده من أن يأتيهم بنبي مغمور في أسرته، منكوب في أمر أمته، مرذول ابتداء عند قومه، فيبادرون بعدم تصديقه، ويجاهرون ابتداء بمخالفته، ويصرون، ويأخذون حجتهم من حال عشيرته وما يألفون، وإن التأثير في الأقوام لا يكون بإكراه النفوس على عكس ما يبدو لها، وما تبادر برده، لأن المبادرة بادئ الرأي بالرد تجعل النفس تبتدئ بالانحراف عن الخط المستقيم الذي تدركه العقول، وإذا انحرفت زاوية التفكير بأمر منفر بادي الرأي، فإنه يستمر في خط الانحراف ولا يرجع إلى الحق إلا بعسر، وإنه كلما استطال خط الانحراف انفرجت الزاوية، ويصعب التلاقي من بعد، ورضي الله تعالى عن علي كرم الله وجهه إذ يقول: "إن للقلوب شهوات، وإقبالا وإدبارا، فإن القلب إذا أكره عمي". ودعوات الرسل هداية، وليست للعماية.


 - ولا شك أن يجب أن يكون للرسول  مَنَعة من قومه، لأنه يبادر الناس بالمجاهرة بغير ما يعلمون، وبغير ما يعتقدون، ويصدع مفاجئا بما لا يريدون، وأنهم بلا ريب يجدون أنه لا يدفع ما يجيء على غير رغبتهم بالحسنى، بل بالمقاومة الحقيقية القوية، وإذا لم يكن له منعة من قومه يقتلونه فجر دعوته قبل أن يصبح صباحها، أو يكون لها ضوء في المجتمع ولو كان ضئيلا، فإنه من بعد يكون نورا، ولو أطفئ النور عاش في ظلام لا يضيء أبدا، وانظر إلى قصة قوم شعيب، إذ أنه لم يمنعهم من أن يقتلوه إلا رهطه، فقد قالوا فيما حكاه القرآن عنهم مما تلونا : {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} فلو كان الرسول في غير رهط يمنعه، وفي غير منعة تدفع أعداءه لماتت دعوته في مهدها.

وما لنا نغوص في الماضي قريبا كان أو بعيدا، ونحن بين يدي حضرة الرسول عليه الصلاة والسلام، إذ أن قريشا عندما صدع الرسول  بأمر ربه، عارضته، ولجَّت في المعارضة، ولما لجت في المعارضة ساورتها نزعة الشر لقتله، وما كان يمنعها إلا أسرته، وشرف هذه الأسرة، ومكانتها عند العرب، وخوفها من أن تبادر بالثأر، ودفع العار،، حتى تمكن النبي  من أن يخرج بدعوة الحق من الفجر الذي يشق الظلام إلى الصباح المشرق المنير، بل إلى الضحى الذي يملأ الوجود ضياء، عندئذ قيض الله تعالى من يمنعه، وقد وقفت الدعوة تناضل عن نفسها، وترد كيد الكائدين.


 - وقد يقول قائل إنهم إن لم يستطيعوا النيل من شخصه، فقد نالوا ممن يتبعونه، ووقفوا محاجزين دون أن تصل دعوته إلى الضعفاء، فلم يمنعهم مكانه في أسرته من أن ينالوا من صحابته، ويعوقوا رسالته، وقد مات فعلا بعض الضعفاء من الصحابة تحت حر العذاب.

ونقول إن هذا دليل على أنه لو كان صاحب الدعوة كأولئك الضعفاء لم يوجد من يمنعه لقتلوه، وقالوا إنه أصلها فلو قتلناه لزالت، فيستكلبون عليه وتموت الدعوة في مهدها، فيعجلون بوقفها.

وإنه يلاحظ أن الأذى الذي كان ينزله المشركون من قريش بالمؤمنين كان يتفاوت مقداره بمقدار قوة أسرهم، ومكانتهم في النسب الذي كان موضع فخارهم، فكان لأبي بكر وعثمان، لون ما كان لآل ياسر وآل خباب بن الأرت، وكان لهؤلاء الذين لا ناصر لهم أشد ما يلاقي الإنسان من أخيه الإنسان، حتى كانوا كالذين عذبوا بالأخدود.


والنبي  ناله الأذى، وأصابه العنت من أولئك، ولكن دون أن يفكروا في قتله إلا بعد أن يئسوا من أن يقفوا الدعوة. وبعد أن وجدوه يعمل على توجيه دعوته إلى خارج مكة، وقد أخذ نورها يتجه إلى القبائل العربية، فحاولوا أن يقتلوه، ولكن قد آن له عليه الصلاة والسلام أن ينشئ دولة الإيمان، وقد تكاملت عناصر تكوينها، ولكن في غير أرض مكة.



2. المصادر والمراجع

مادة هذا المقال مأخوذة من المؤلف التالي:

المرجع في السيرة النبوية : خاتم النبيين للإمام محمد أبو زهرة ( النسب الطاهر)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

الصفحات